ميديا يوربيدس بين النص والعرض المسرحي المعاصر
الملخص
ليس من المتاح لنا ان نرجع في الزمن ونرى المسرحيات القديمة ومنها مسرحيات عمالقة التراجيديا الاغريقية القديمة (اسخيلوس، سوفوكلس، ويوربيدس) من خلال عيون جيل مضى، واذا تمكنا ان نرجع الى نتاجاتهم المسرحية فمن المؤكد اننا لن نتذوق او نستسيغ لكثير مما نشاهده من تلك العروض التقليدية ولن نطيق الطقوس الدينية التي كانت تصاحبها كما ان الرقص والموسيقى في نمط المسرحية الاغريقية القديمة كان يمثلان جزءا كبيرا من مظاهر العرض المسرحي ترى هل تستطيع اعيننا واذاننا نحن جمهور القرن العشرين ان نتقبل تلك المظاهر وما كانت عليه انذاك؟
انها حتما ستبدو اشبه بمقتنيات متحفية ليس الا. لذا فاننا نجد انفسنا في ضوء ما تقدم مضطرين عند القيام باخراجها ان نجددها ونلبسها ثوبا معاصرا دون ان نكتفي باعادة عرضها وحده، اخذين بنظر الاعتبار مد جسر بين الماضي والحاضر على ان يبني هذا الجسر عن طريق خلق وحدة انسجام بين المسرحية القديمة كما كانت عليه في عصرها وما يجب ان تكون عليه في عصرنا هذا لتقترب من ذوق متفرجنا المعاصر اما جوهر هذه الرابطة فيمكن في تحقيق الاتي:
- هدف المؤلف. أي المضامين والافكار التي توخى ان يبثها الى الجمهور.
- ملائمة العرض المسرحي لذوق الجمهور المسرحي المعاصر.
ولعل من بداهة ما تواضع عليه المهتمون والدارسون للاخراج المسرحي ان يكون على راس ما يشغل المخرج المسرحي ان يصب جهده الاخراجي في خدمة النص المسرحي وجمهوره، اذ ليست المسرحيات الطرازية هي ساحة ملعب تستعرض فيها مواهب المخرج، وليس من حقه ان يغير من معناها او فلسفتها ليقابل معنى او احساسا الا ما تجيزه له المسرحية ومعناها.
وعلى وفق هذه الرؤية، قام المخرج د. عادل كريم بتقديم مجموعة مسرحيات من التراث الاغريقي القديم من دون ان ينحرف في تجربته الاخراجية المعاصرة عن هدف وفلسفة المسرحية، بل حاول جاهدا ان يحافظ بشكل امين على خطاب المؤلف الدرامي، وان يوثق الرابطة بين النص كما كان عليه (باستثناء بعض الاجراءات التي وجدها ضرورية لتعزيز وتحقيق تجربته) وبين ذوق متفرجه المحلي. فقدم بعضا من مسرحيات الشاعر المسرحي سوفوكلس (انتكونا، اليكترا، اوديب ملكا) وبعضا اخر كان من نصيب المؤلف المسرحي يوربيدها الذي كان يمثل الضلع الثالث للمثلث التراجيدي الاغريقي (اسخيلوس، سوفوكلس، ويوربيدس) مختارا له مسرحية (ميديا) ومسلطا الضوء عليها في بحثه هذا نموذجا تطبيقياً لهذا النوع من المسرحيات الاغريقية التي قدمها برؤية اخراجية معاصرة ومتطلعة الى واقع ارحب وساحة طرح اشمل لقضايا الانسان المعاصر، لما تحمله هذه المسرحية (التي تمثل نموذجا من نماذج المسرحية الاجتماعية) من قدرة على الانفتاح باتجاه واحدة من مشكلات عصرنا ذلك
ان الاحداث والمواقف التي مرت بها (ميديا- المراة) الاغريقية، هي ما يمكن ان تواجهه المراة في عصرنا الراهن على نحو او اخر، حيث يكشف مضمون المسرحية عن وجهة نظر يوربيدس الاخلاقية وموقفه من تعاسة الوضع الاجتماعي للمراة الاغريقية في العصر الاغريقي القديم.
المراجع
احمد زكي، المخرج والتصور المسرحي (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1988)، ص 61.
مولوين ميرشفت، كليفوردليتش، الكوميديا والتراجيديا، ترجمة د. علي احمد محمود (الكويت) المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، 1979، ص 256.
احمد زكي، المصدر نفسه، ص55.
د. عقيل مهدي، الحصاد المسرحي لعام 1987- تكامل الابداع في عروض كلية الفنون الجميلة، جريدة الجمهورية (بغداد) 20 كانون الاول، 1987.
سعد اردش، المخرج في المسرح المعاصر (الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، 1977)، ص99.
حسين الشيخ، دراما يوربيدس، دراسة في الفكر الاجتماعي في اثينا القرن الخامس ق.م، عالم الفكر (الكويت) العدد الاول (يونيو 1982)، ص 129.
يوربيدس، ميديت، ترجمة كمال ممدوح حمدي، مجلة الاقلام (بغداد: دار الحرية للطباعة، 1973)، العدد (5)، ص 74.
سعد اردش، المصدر نفسه، ص 191.
ارسطو، فن الشعر، ترجمة د. ابراهيم حمادة (القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية، 1977)، ص 171.
د. جميل نصيف، قراءة وتاملات في المسرح الاغريقي (بغداد، دار الحرية للطباعة، 1985)، ص 216.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 216.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 74.
سليم الجزائري، مخرجون عالميون، الاقلام (بغداد، العدد الاول، 1979)، ص 91.
اوديت اصلان، فن المسرح، ترجمة د. سامية احمد (بيروت، اين للطباعة والتصوير، د.ت)، ص 303.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 74.
الكسي بوبوف، التكامل الفني في العرض المسرحي، ترجمة شريف شاكر (دمشق، وزارة الثقافة والارشاد القومي، 1976)، ص 155.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 75.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 77
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 88.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 78.
جيرزي كروتوفسكي، نحو مسرح فقير، ترجمة د. كمال قاسم نادر (بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، 1986)، ص24.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 78.
د. عقيل مهدي يوسف، النسوية في ميديا، جريدة الثورة (بغداد، 21 تشرين اول، 1992).
د. عقيل مهدي يوسف، نظرات في فن التمثيل (بغداد، مطبعة الجامعة، 1988)، ص 157.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 79.
اوديت اصلان، فن المسرح، ج2، ترجمة د. سامية احمد (القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية، 1972)، ص 687.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 80.
د. عقيل مهدي يوسف، النسوية في ميديا، جريدة الثورة (بغداد، 21 تشرين اول، 1992).
د. عبد المعطي شعراوي، دور الكورس في مسرحيتين، مجلة المسرح والسينما، (القاهرة، العدد52، ابريل، 1968)، ص 27.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 80.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 84.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص 85.
د. عقيل مهدي يوسف، النسوية في ميديا، جريدة الثورة (بغداد، 21 تشرين اول، 1992).
سعد، اردش، المصدر نفسه، ص 314.
سعد، اردش، المصدر نفسه، ص 313.
احمد زكي، المصدر نفسه، ص ص 142-143.
جيمس روس، ايفانز، المسرح التجريبي، ترجمة فاروق عبد القادر (القاهرة، دار الفكر العامة، 1979)، ص65.
د. عقيل مهدي يوسف، نظرات في فن التمثيل (بغداد، مطبعة الجامعة، 1988)، ص190.
د. عقيل مهدي، المصدر نفسه، ص 225.
جيمس روس، ايفانز، المصدر نفسه، ص 69.
نادية كامل، انتونين ارتو والمسرح الحديث، المسرح والسينما، (القاهرة: العدد52، ابريل 1968)، ص ص 29-30.
يوربيدس، المصدر نفسه، ص77.
سعد اردش، المصدر نفسه، ص248.
مارتن اسلن، تشريح المسرحية، ترجمة يوسف عبد المسيح ثروت، (بغداد، دار الحرية للطباعة، 1978)، ص39.
احمد زكي، المصدر نفسه، ص72.
جان دوفينينو، سوسيولوجية المسرح، ج1، ترجمة حافظ الجمالي، (دمشق، وزارة الثقافة والارشاد القومي، 1976)، ص65.
احمد زكي، المصدر نفسه، ص180.
قسطنطين، ستانسلافسكي، اعداد الممثل، ترجمة د. محمد زكي العشماوي، (القاهرة، 1960)، ص 221.